الأربعاء، 27 نوفمبر 2019

﴿وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا﴾

في سورة النحل:﴿وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا ۚ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52)﴾

الاثنين، 15 يوليو 2019

﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾

قال عبدالقادر البغدادي في شرح شواهد الشافية [36/4] :-

«..قوله تعالى (فما بكت عليهم السماء والارض) فيه تهكم بهم وبحالهم المنافية لحال من يعظم فقده فيقال فيه بكت عليه السماء والارض، وعن الحسن رحمه الله: فما بكى عليهم الملائكة والمؤمنون، بل كانوا بهلاكهم مسرورين، يعنى فما بكى عليهم أهل السماء وأهل الارض، انتهى.
وهذا ملخص من أوائل أمالى الشريف المرتضى، وفيها زيادة، ونحن نلخص ما فيها أيضا، قال: في الاية وجوه أربعة من التأويل، أولها: أن المراد أهل السماء والارض، فحذف كقوله تعالى (واسأل القرية) ، ثانيها: أنه تعالى أراد المبالغة في وصف القوم بصغر القدر وسقوط المنزلة، لأن العرب إذا أخبرت عن عظم المصاب بالهالك قالت: كسفت الشمس لفقده، وأظلم القمر، وبكاه الليل والنهار والسماء والارض، يريدون بذلك المبالغة في عظم الامر وشمول ضرره، وهذا صنيعهم في وصف كل أمر جل خطبه وعظم موقعه، فيصفون النهار بالظلام، وأن الكواكب طلعت نهارا لفقد نور الشمس وضوئها، ثالثها: أن يكون معنى الآية الإخبار عن أنه لا أحد أخذ بثأرهم، ولا انتصر لهم، لأن العرب كانت لا تبكى على القتيل إلا بعد الأخذ بثأره، فكنى الله تعالى بهذا اللفظ عن فقد الانتصار والأخذ بالثأر، على مذهب القوم الذين خوطبوا بالقرآن، رابعها: أن يكون ذلك كناية عن أنه لم يكن لهم في الارض عمل صالح يرفع إلى السماء، ويطابقه ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قيل له: أو تبكيان على أحد؟ قال: نعم، مصلاه في الأرض ومصعد عمله في السماء، وروى عن أنس بن مالك رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ما من مؤمن إلا وله باب يصعد منه عمله، وباب ينزل منه رزقه،
فإذا مات بكيا عليه " ومعنى البكاء هنا الإخبار عن الاختلال بعده، كما يقال: بكى منزل فلان بعده، قال مزاحم (من الطويل):
 بكت دارهم من أجلهم فتهللت ..
 دموعي، فأى الجازعين ألوم؟.»

الأربعاء، 6 مارس 2019

أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ

قال ابن تيمية في جامع المسائل [56/1] :-
«وإذا كان القيوم الذي لا يزول فقد دخل في ذلك أنه لا يأفل، كما قال الخليل ﷺ :{لا أحب الأفلين} فإنه من المعلوم أن أفول الشمس والقمر والكواكب أبلغ في النقص من زواله إذا كان الآفل غاب واحتجب، ولم يبق له في عابده فعل ولا نفع، ولا يمكن عابده أن يوجه وجهه إليه، بخلاف زوال الشمس، فإنه فيه نقص لها وانخفاض وانحطاط عن حال كمال ارتفاعها. والزوال بدء حصول الأفياء المزيلة لشعاعها، فإن الظل يكون ممدودا قبل طلوعها، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45)ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا﴾ فإذا طلعت انبسط شعاعها على وجه الأرض، ونسخ الظل الذي يقع عليه، فنسخ الظلال الشرقية كلها، ولا يزال ينسخ الغربية شيئا بعد شيء حتى تستوي الشمس، فيكون قد نسخ الظلال الشرقية والغربية جميعا، وهذا غاية نسخ الشمس الظلال. فإذا زالت انحطت وانخفضت ففاءت الأفياء. و(الفيء) اسمٌ للظل الذي بعد الزوال، و(الظل) يعم ما قبله وما بعده، لأنه يَـفِيٖء الفَيْء ويعود، فيعود الفيء إلى ناحية المشرق، بعد أن كان قد نسخ عنها، ولا يزال الفيء يمتد ويطول كلما انخفضت الشمس إلى أن تغرب فيعود الظل ممدودا بأفولها كما يكون ممدودا قبل طلوعها، فكان أفولها غاية بطلان أثرها في ذلك الزوال الذي هو مبدأ ذلك الأفول فهو نقصها الذي ابتدأ من الزوال وكأنه كمال زوالها. ولهذا فسر دلوكها بهذا وبهذا في قوله عز وجل: ﴿أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق اليل﴾ فطائفة من السلف قالوا: دلوكها غروبها، والتحقيق: أن الزوال=أول دلوكها، والغروب=كمال دلوكها، فمن حين الزوال إلى الغروب دالكة، كما هي زائلة بارحة، ولهذا سميت "براح"، ويقال: دلكتْ بَراحِ. ولهذا قال الله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ ﴾...»